في دهاليز السلطة… سمعت أجمل درس عن القوة من وزير داخلية الامارات

مكتوب بواسطة Abouzekri
  • منذ 12 يوم
  • 406


في دهاليز السلطة… سمعت أجمل درس عن القوة من وزير داخلية الامارات

في دهاليز السلطة… سمعت أجمل درس عن القوة من وزير داخلية الامارات ..!!

حكاية صورة ٠حموده بن علي و ابراهيم ابوذكري 

بقلم : إبراهيم ابوذكري 

       أثناء عملي في وزارة الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة، كنتُ أتقلّب بين مهام ومسؤوليات متعددة في وقت واحد؛ من الإعلام والعلاقات العامة، إلى العلاقات الخاصة التي تحوّلت لاحقًا إلى أمن الدولة، ثم رئاسة تحرير المجلة، وصولًا إلى سكرتارية نادي ضباط الشرطة الي محاضرات في كلية الشرطة. كانت تلك مرحلة مزدحمة بالتحديات، لكنها لم تخلُ من لحظات صنعت في داخلي أثرًا لا يزول.
في إحدى الفترات، وقع خلاف حاد – بطعمٍ عنصري – بيني وبين مدير المعمل الجنائي، وهو دكتور من دولة عربية شقيقة. كنتُ قد رشّحت ضابطًا مصريًا دكتوراه متميزًا للعمل معه في المعمل، ويبدو أن الخبر وصل إليه بطريقة لم يرُق له وقعها. وبحُكم عملي الصحفي، كان لي فريق تصوير يتعاون معين بمكتبي يستخدمون المعمل الجنائي في التحميض والطبع صور المجلة التي اترأسها وأصبح بيننا احتكاك يومي خاصه بالأحداث اليومية الصحفية الشرطية، .
لكن ذلك الدكتور، بدافع انتقام لترشيحي هذا الدكتور المصري، بدأ يعطّل عملي، بل وفوق ذلك اختلق أمورًا تُسيء إليّ، ودُفعتُ إلى تحقيقات انتهت كلها إلى اللاشيء. حينها شعرت أن الأمر قد بدأ يتجاوز حدّ الخلاف، وقررت رفع شكواي مباشرة إلى الوزير حموده بن علي – رحمه الله – وزير الدولة لشؤون الداخلية.

دخلت علي الوزير حموده بن علي وزير الدولة للشؤون الداخلية وفي صدري ضيق لا يعلم به إلا الله. قلت له بصراحة دفعتني إليها الكرامة لا الجرأة:
“لو لم تكن أنت في الوزارة يا أبو علي… ما جلستُ فيها يومًا واحدًا.”

          نظر إليّ بهدوء الرجل الحكيم الذي يرى الصورة كاملة - وكنا علي علاقة صداقة كبيرة - لا أطرافها المتشابكة. استمع إلى تفاصيل الموقف دون أن يقاطعني مرة واحدة. وبعد أن انتهيت، أومأ برأسه وكأنه يقول: “فهمت.”
وبهدوء الوزير الدبلوماسي الذي يعرف موضع الألم، اتخذ قراره: استبدل ذلك الدكتور بآخر كنتُ قد رشحته من القاهرة، وأنهى خدمات الأول من دون ضجيج… ومن دون أن يَشعر أحد بأنه ينتصر لي، رغم أنه فعل.
وقبل أن أغادر، قال كلماته التي ظلت محفورة بعمق في حياتي:
“إسمع يا إبراهيم… على الرغم ما بيننا مع علاقة احترمها وأقدرها لكن ضع هذا الكلام في ذاكرتك. لا ترتبط بشخص، أيًّا كانت قوّته بعملك ومستقبلك وحياتك. انت قلتَ لي الان إنك ترتبط بي، وهذا خطأ جسيم بالنسبة لك والتوقع والأفضل أن ترتبط بنفسك بعملك، بإبداعك، بنجاحك… فهؤلاء هم الذين لا يزولون.”

ثم أكمل بصوت خافت لكن ثابت:
“كلّنا زائلون. أنا قد أتَنحّى غدًا، أو قد يغيّرني الشيخ زايد. فإذا ربطت نفسك بي… زُلتَ بزوالي. لكن عندما ترتبط بعملك… تبقى.”

  خرجتُ من مكتبه يومها وأنا أشعر أنني لم أحصل فقط على حلّ لمشكلة… بل على بوصلـة لحياة كاملة.
واليوم، كلما رأيت نموذج ضعيف شخصا كان او كيان بكيان او دولة بدولة أقوى يحتمي بقوي، تذكّرت نصيحته كما لو أنه يكررها في أذني:
“القوة لا تُستعار… القوة تُبنى.”

رحم الله الوزير حموده بن علي، فقد كان من القلائل الذين يتركون أثرًا أكبر من مناصبهم.


في دهاليز السلطة… سمعت أجمل درس عن القوة من وزير داخلية الامارات


قناة الإتحاد
إستطلاعات الرأي