**حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام **
إبراهيم ابوذكري
عنوان الحكاية:
صفوت بك الشريف واستضافة التجمعات الدولية المهتمة بالشأن الإعلامي...!!
ماسبيرو، ذلك المعلم الإعلامي الكبير في مصر، يحمل في طياته العديد من القصص والأحداث التي تعكس تاريخ الإعلام المصري والتي تتغير بتغيير قياداتها هنا بعض المواقف التي تسلط الضوء على تلك الحكاية:
من المعروف ان التفكير في تأسس ماسبيرو ليكون منارة للإعلام المصري، لجذب الكثير من الموهوبين الذين ساهموا في تشكيل الوعي الجماهيري. كانت البدايات مليئة بالتحديات، لكن الإصرار على تقديم محتوى هادف كان دافعًا للنجاح لكن هذا النجاح في الحقبة الأخيرة من الزمن توقف تفاعله مع المجتمع العربي والمصري كثيرا وتأخر ترتيبه ضمن اجهزة الإعلام بالعالم العربي وذلك بسبب قيادات ماسبيرو الغير مهنية والبعض منهم أو جلهم يجهل صناعة المحتوى الإعلامي والهندسي والتجاري.
ولم أكن ممسكا بسياط لجلد من اسند اليه الادارة فلم تكن كل القصص إخفاقات ولكن على الجانب الآخر، هناك العديد من القصص التي تبرز الفخر بالمؤسسات الإعلامية. من حفلات تكريم المبدعين إلى البرامج التي أثرت في المجتمع، ساهم ماسبيرو في تسليط الضوء على إنجازات المصريين.
وبرزت شخصيات عديدة في ماسبيرو، كان لها تأثير كبير على المشهد الإعلامي. البعض قدموا رؤى جديدة، بينما ساهم آخرون في نقل الأحداث بشكل مهني، مما ساعد في تشكيل الرأي العام.
والجميع يعلم ان الثماني سنوات الأخيرة بعد اختراع الثلاث جهات الحاكمة بالإعلام وتحت قيادات لم تكن بحجم الدولة المصرية وايضاً لم يكن لهم خبرات المهنيين او حتى لديهم الحس الإداري المهني لكي يواكبون ظهور وسائل الإعلام الجديدة والخطاب الإعلامي المصري برسائله الإعلامية الظاهر منها والمخفية، فواجه الكوادر ماسبيرو الإعلامية الفنية والإبداعية تحديات كبيرة منها تحريف هذه الخبرات من الهيكل الوظيفي ومن اجل هذا التحريف وصفت ادارته وقياداته بالحانوتية.
واخيرًا أقيمت الأفراح بإزاحة هذه القيادات وتم التغيير مؤخرا ونتخيل ان القيادات الجديدة تحتاج إلى التكيف مع التغيرات السريعة في صناعة الإعلام، مع الحفاظ على هويته وتاريخ مصر العريق.
وحكايتي هنا مع اصحاب القرار في ماسبيرو ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي تجسيد لتاريخ إعلامي غني بالتحديات والنجاحات والإخفاقات. نسردها هنا ،ربما تكون تذكير بأن الإعلام هو مرآة المجتمع، ويجب أن يعكس همومه وآماله على المجتمع المصري والعربي وإحياء الوجدان تجاه انتماء المواطن لأرضه ووطنه.
رحمة الله علي صفوت بك الشريف الذي كان على خلاف مهني معي وعلى اتفاق غير مرئي بيننا نحن الاثنين في حب مصر.. فاختلفنا مهنيا واداريا لكننا لم نختلف علي حب مصر كل منا يحب مصر بطريقته ، هو العمق الثقافي المصري بين من يجلس علي كرسي القرار ويصبح من الحكومه وبين ما يوازيه بالقطاع الخاص .
وتحول الخلاف المهني الي خلاف شخصي وتعصب حكومي ضد القطاع الخاص في العموم بالعمل العام باسم مصر لسنوات طويله وجه لي وبأيادي معاونيه خلالها الكثير من السهام الطائشة تجاهي محاولين كذبا إخفاء أضواء العداوة الإعلامية ضد الاتحاد العام للمنتجين العرب وضدي واستمر هذا العداء ظاهرا كالشمس متوهجا بين كواليس الإعلام بمصر وامتد الي العالم العربي هجمة شرسة من ماسبيرو الينا (من 1994 بداية الدورة الثانية لمهرجان التليفزيون والي عام 2004 عندما قررنا نقل مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب خارج مصر)
وهنا كانت المفاجأة في سير الاحداث فقد اتخذ الوزير موقفا جديدا تجاهنا واتخذ موقفاً تاريخيا لا ينسي لصفوت بك الشريف كما كنا نطلق عليه
موقف مصري عظيم ورائع حين شجب خروج مقر الإتحاد العام للمنتجين العرب خارج مصر ورفض هذا الإجراء متجردا من مواقفه الشخصية السابقة تجاهي وتجاه الاتحاد العام للمنتجين العرب الذي دب بيننا منذ تحديناه وأطلقنا المهرجان العربي للتليفزيون 1994،
وللحق والتاريخ هذا الموقف الإيجابي ليس جديدا علي صفوت الشريف فله الكثير من المواقف الإيجابية لصالح مصر وكرامة مصر ، فانا اعلم والجميع يعلمون من كواليس واجتماعات مجلس الوزراء كيف ناضل صفوت بك بعد عودة الجامعة العربية من تونس الي القاهرة مدافعا عن مواقف مصر والتي كان لا يعلمها الكثيرون من العرب كما ناضل كثيرا لعودة جميع الاتحادات والمنظمات العربية التي سبقتنا في التأسيس وكانت مقراتها بالقاهرة وللأسف خرجت من مصر ولم تعد الي الآن منذ أن خرجت هذه الاتحادات والمنظمات احتجاجا علي اتفاقية كامب ديفيد ، واستقرت في كثير من البلاد العربية أهمها اتحاد اذاعات الدول العربية الذي كان مقره القاهرة ومديره العام كان متفق عليه وديا ان يكون مصريا أسوة بما يجري بجامعة الدول العربية
وتراجع صفوت بك عن هذه العداوة وتقرب مني بواسطة المرحوم أمين بك بسيوني
عندما شل نشاط الاتحاد العام للمنتجين العرب بأرض جمهورية مصر العربية وبعد أن هاج وماج معظم رموز الاتحاد العام للمنتجين من العرب وعلي رأسهم رئيس الاتحاد جواد مرقه رحمة الله عليه الذي وفر لنا رعاية واحتضان لمقر الاتحاد ليكون بديلا عن المقر بالقاهرة الغاضبة من خلال بعض رموز ماسبيرو الذين حولوا الخلاف المهني الي خلاف شخصي يضر بمصلحة البلاد هذه الرعاية من دولة ليبيا والأردن وسوريا والعراق وبعد مناقشات استمرت سنوات وإصراري علي ان لا ينقل مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب من خارج مصر وإصرارهم علي الخروج من مصر ، وتأكيدهم لي عن الكثير من الدول التي تستضيف المقر
وفي النهاية وافقت تحت ضغط لم أكن أتحمله لا من اعضاء الاتحاد المصرين على نقل المقر ولا من ضغط اصحاب القرار في ماسبيرو الذين يحاربوننا بكل الوسائل الممكنة والغير ممكنه،
وهنا تحركنا في كواليس جامعة الدول العربية وأصحاب القرار فيها لنقل مقر اتحاد المنتجين العرب الي إحدى الدول العربية المجاورة وتداولت الأوراق داخل قطاع الاعلام والاتصال بجامعه الدول العربية ومكتب الامين العام للجامعة العربية
وضمن هذه الكوكبة داخل كواليس جامعة الدول العربية نمي الي علم رئيس اللجنة الدائمة للإعلام العربي المرحوم امين بسيوني وكان رئيسا لمجلس ادارة النايل سات ورئيس اللجنة الدائمة للإعلام العربي آن داك فسألني عن الملابسات التي أدت الي قرارنا بنقل مقر الاتحاد العام للمنتجين فصارحته عن تداعيات الموروث الذي تركة في ماسبيرو ، والذي تفاقم وتزايد لدرجه اننا لا نستطيع التحرك إعلاميا علي الارض المصرية وشرحت له عن الضغوط التي كانت تمارس علينا ومحاولات القضاء علي الاتحاد بمواقف لا يطلق عليه وتسميتها إلا باسمها الحقيقي رشوة غريبه لأعضاء مجلس ادارة الاتحاد العام للمنتجين العرب المصريين منهم وتحويلهم الي منتجين منفذين ليكونوا تحت سيطرت قطاع الإنتاج بماسبيرو ويتم تجريف الاتحاد من كوادره لإسقاط الاتحاد وشل حركته.
وتفهم امين بسيوني الموقف وحاول معي العدول عن الموقف لكن دون جدوى وانتهي الاجتماع بطلبه الانتظار ايام قبل إنهاء الاجراءات داخل الجامعة ووافقت على طلبه، على الرغم من الاتفاق الذي تم من قبل الجامعة العربية على نقل المقر وتم تجهيز الخطابات الموجه للدول التي تستضيف مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب بعواصمها.
ولم يمر يوما واحداً على هذا الاتفاق كلمني تليفونيا المرحوم امين بسيوني بقوله صفوت بك عاوز يقابلك بكرة الساعة تسعة مساء في مكتبي بشارع السودان اوعي تتأخر.. !!
المهم وقبل التاسعة كنت في مكتب امين بسيوني وجلسنا قليلا ووصل صفوت بك وبدأ الحوار بقوله سمعت من امين بسيوني ان جواد مرقه رئيس الاتحاد عاوز ينقل مقر الاتحاد خارج مصر.
ومن هنا بدء الحوار واعادة ما شرحته لأمين بسيوني بجامعة الدول العربية وتحدثنا معا واسترجعنا معا الظروف والملابسات التي تمت بين ماسبيرو بعد خروج امين بسيوني من رئاسة ماسبيرو وبين الاتحاد العام، واخبرته عن الشرائط المسجلة للدورة الاولي لمهرجان التليفزيون الذي أطلقناه معا قد محيت من المكتبة وتم الغاء تاريخ تأسيس الدورة الاولي لمهرجان التلفزيون الذي عقد بالشراكة مع ماسبيرو.
وفي نهاية هذا الحوار بدأ صفوت بك باعتذار مبطن موجها كلامه للمرحوم امين بسيوني معاتبا وبطريقة رجل المخابرات مبررا التراجع في العداء وبداية لمرحلة جديدة بقوله: يا أمين الواد ما هو كويس اهه (يقصدني بالولد) أنتم كنتم مقدمينه لي غلط.. !!
ضحكنا وتباوسنا، وكنت سعيد بهذا الاجتماع وبهذا التراجع الوقور في إنهاء الخصومة التي كانت بيني وبين صفوت بك والتي استمرت سنوات وسنوات.
وفي الحقيقة أنا ومن اول اللقاء شعرت انه متخذ قرار إرضائي ومنع نقل مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب من القاهرة باي طريقة من الطرق.
بقوله: يكفينا أننا لا نستطيع إرجاع الاتحادات التي خرجت ايام كامب ديفيد وكم سعدت بقرار الأمانة العامة للجامعة بضم اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون اول اتحاد يهتم بصناع الإنتاج التليفزيوني للعمل العربي المشترك واعتماد مقره بالقاهرة وكما نري ان هذا الاتحاد الوحيد الذي أسس بعد كامب ديفيد ومستمرا بالقاهرة وسألني على احتياجاتي لتدعيم اعمال ونشاطات الاتحاد بالقاهرة فطلبت منه الدعم والرعاية واختيار مقرا للاتحاد من خلال مباني وزارة الإعلام واتحاد الاذاعة والتلفزيون.
خيرني الوزير فارس الاعلام العربي الشريف صفوت بك رحمة الله عليها بين مبني ماسبيرو وصوت القاهرة ومدينة الانتاج الإعلامي.
رفضت ماسبيرو لأنه مبني حكومي، وايضا رفضت صوت القاهرة والتي كانت ملكية خاصة لاتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري فاخترت مدينة الإنتاج الإعلامي لأنها شركة مساهمة مصرية لها سجل تجاري صادر من غرفة تجارة الجيزة شركة مساهمة مصرية ولا يتعارض عملها معنا والذي يتطابق مع نوعية الأعمال التليفزيون والتي هي هوية الاتحاد العام للمنتجين العرب.
وعليه امر الوزير صفوت الشريف امين بسيوني بقوله اتصل يا امين بالمهندس عبد الرحمن حافظ رئيس مدينة الانتاج الإعلامي وحدد موعد معه لمقابلة الاخ إبراهيم، وبلغه تعليماتي بدعم الاتحاد وتوفير كافة الإمكانات التي تساعده على تجديد نشاطه على الارض المصرية.
وبالفعل تمت المقابلة الثلاثية الاستاذ امين بسيوني والمهندس عبد الرحمن حافظ وانا في مكتب المهندس عبد الرحمن بالمدينة بالسادس من اكتوبر واتفقا نحن الثلاثة علي عدد كبير من النقاط والسياسة التي ستتبع بالتنسيق مع المهندس عبد الرحمن حافظ بالمدينة بلا مقابل مع وجب العرض على مجلس الادارة المدينة ليكون المقر متواجدا بقرار رسمي الذي اصدره صفوت الشريف موثقا بتهنئة وبقرار إضافي من مجلس ادارة مدينة الانتاج الإعلامي وهذا نص القرار من واقع السجلات بالمدينة محضر الاجماع المودع برقم. 118 بتاريخ 2004/7/14 وبالموضوع الثامن: ما يستجد من موضوعات:
اولا: النظر في طلب اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون أن يكون هناك مقر له في مدينة الإنتاج الإعلامي:
تحدث السيد المهندس / رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب موضحا أن هناك أهمية كبيرة لاتحاد المنتجين العرب والذى يعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية وأن وجود مقر له داخل مدينة الإنتاج الإعلامي من الأهمية لكون ذلك يجعل المدينة تحتفظ بمقر الإتحاد العربي وتكون جمهورية مصر العربية هي الحاضنة لأكثر من خمسمائة شركة هم أعضاء اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون وهذه الشركات هي الشركات العربية العاملة في مجال الإنتاج الإعلامي وأوضح سيادته أن احتواء هذه الشركات يحقق الأهداف الاقتصادية والسياسية التي ترسمها مدينة الإنتاج الإعلامي وهي أيضاً تطابق الأهداف العليا لسياسة مصر عموماً في وجود مثل هذه الاتحادات والمنظمات الدولية والعربية وتكون مقرها جمهورية مصر العربية.
وبعد المناقشة وتبادل الآراء اتخذ المجلس القرار التالي:
القرارة
- وافق المجلس على تخصيص مقر لاتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون بدون مقابل داخل الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي.
ومن. هذا التاريخ حتي وبعد ان ترك الوزير صفوت الشريف منصبه من وزارة الإعلام واصبح رئيس مجلس الشوري قدم لي وللاتحاد العام للمنتجين العرب الدعم لسنوات وسنوات فلم يتخلى عن دعمه لنا بالرأي والمشورة ، حتي قيام الثورة 25 يناير وحدث ما حدث بخراب مصر المحروسة علي ايدي الإرهاب والإرهابين وشهاده بهذه المناسبة لهذا الرجل الذي سجن وشهر به وسحل أولاده ولم يشفع له إيجابيات ومبادراته الإعلامية الناجحة المتوجه لمشاريع تعيش معنا الي الان كلها علي سبيل المثال لا الحصر مدينة الانتاج والنابل سات والقنوات المتخصصة وكثير من الانجازات والتي لم يضاف اليها اي نجاحات جديدة في هذا المجال بل البعض منها توقف تماما من بعده وكذا سلوكه المهني معي ومع كل اتفق معه في حب مصر فللأسف أخذه معه ورحل ، ولم يُوّرثه لأحد بالأمانة والحرص كما كان حرصه علي مصلحة المدينة من خلال الاتحاد العام ممن جلسوا مكانه الي الآن ، ـ
هذه شهادة للتاريخ